فصول في الأدب الرحلي الجزائري

 كانت الرحلة … ولا تزال … وعاء معرفيا للتواصل بين الأفراد والجماعات، تحدوها الرغبة في معرفة الآخر واكتشافه، ولا زال أدب الرحلة يمثل وجها مشرقا من وجوه التفاعل الثقافي بين الأمم والشعوب المختلفة، وآلية تسهم بشكل مباشر في مد جسور التقارب الحضاري بين بني البشر، والرحلات في شكلها الأدبي مصدر من المصادر التاريخية المهمة لما تتضمنه من نقل حيّ لأشكال البيئات والأقطار والأجناس التي احتك بها الرحالة وصوّروها تصويرا دقيقا، لذلك جاءت الرّحلات غنيّة بالأخبار، والمعلومات التي تتصل بمظاهر الحياة، والحضارة، واحتوت على مادّة وفيرة وغزيرة؛ تاريخية، وجغرافية، واجتماعية، وثقافية، وأدبية، ودينية.

ويحتل أدب الرحلات مكانة لا يستهان بها في نسيج الأدب الجزائري قديمه وحديثه، والكتاب الذي بين أيدينا يتناول جانبا من جوانب هذا الأدب، ويعرض بعضا من فصوله من خلال مجموعة من الأبحاث والدراسات. منها ما يسلط الضوء على الثيمي والجمالي في الخطاب الرحلي عند الإبراهيمي، ومنها ما يسعى إلى دراسة أدب الرحلة عند الإبراهيمي من خلال رحلته إلى باكستان، ومنها ما يتخذ من مدونة ابن حمادوش نموذجا لقراءة إبستيمولوجية في مرجع أدب الرحلة الجزائري وإجراءاته، ومنها ما ينطلق من رحلة حمدان خوجة ليدرس فوضى التصنيف والمصطلح، وخصوصية الكتابة السردية في أدب الرحلة الجزائري، ومنها ما يستخلص بعض مظاهر الحياة في المغرب الأوسط من خلال رحلة المقري، ومنها ما يعالج الخصائص السردية في رحلة جزائري في الأندلس (رحلة إلى الفردوس المفقود).