أبو القاسم الحفناوي وكتابه تعريف الخلف برجال السلف

أبو القاسم الحفناوي وجه بارز من وجوه النهضة الجزائرية الحديثة في الثلث الأول من القرن العشرين، وفارس من فرسانها الذين عاشوا إرهاصاتها بكل جوانحهم، وتحمّلوا المسؤولية الثقيلة التي فرضتها عليهم ظروفهم التاريخية العصيبة، فقد كان واحدا من الرواد الأوائل الذين أضاءوا شمعة الوعي والنهضة والعلم في ظلمات الاستعمار الفرنسي من خلال مؤلفاته التي عبّر فيها عن رفضه للواقع البائس الذي يرزح تحته المجتمع الجزائري، واجتهد في بعث الأمل فيه بتذكيره بأمجاده الغابرة حين كانت الكتابة عن ماضي الجزائر المشرق نوعا خاصا من أنواع الكفاح الوطني المقدّس. وكتابه المشهور (تعريف الخلف برجال السلف) يتضمن عنوانه كلمتان خطيرتان هما (الخلف) و(السلف) اللذان ينسفان مشروع الجزائر الفرنسية من الأساس، ويعيدان ربط الجزائريين بماضٍ تليد اجتهد الاستعمار في محوه من الأذهان، وتغييبه عن العقول، ويعلنان بقوة عن الوجود القومي الجزائري

والكتاب الذي بين أيدينا بأوراقه البحثية المختلفة محاولة للوقوف على قيمة الكتاب الدينية والأدبية والتاريخية، واستجلاء لمضامينه العلمية والمعرفية، واطلاع على طريقته ومنهجه في كتابة السير والتراجم، ورصد لأثره في النهضة الأدبية الحديثة في الجزائر، وغيرها من الخصائص والمميزات التي جعلت من هذا الكتاب مصدرا مهما من مصادر تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر.