وتشير كل الدراسات المتعلقة بحوادث المرور ان السبب الأول والاساسي فيها هو الانسان، بما يتجاوز %90 من المسببات. هذا لو اخذناه كجاني او كضحية في هذه الحوادث، لكن هذه النسبة ستزيد حتما لو اخذنا باعتبارنا انه أيضا من يتولى تشكيل بقية عناصر الفضاء المروري (السيارة والطريق) التي يتم في نطاقها سلوك السياقة. ما يجعل من الاهتمام بالإنسان كمستعمل للطريق، بسلوكاته، تمثلاته، اتجاهاته، انفعالاته ودوافعه نقطة جد مهمة في الحد من هذه الظاهرة. وهذا ما يهتم به علم نفس المرور كأحد العلوم التطبيقية الحديثة، حيث ينظر هذا التخصص لسلوكات مستعملي الطريق عموما، ولحوادث الطرق على انها ليست نقطة معزولة في السياق الزمني والاجتماعي الذي تحدث فيه. فالسرعة المفرطة، عدم الإذعان للقانون، التجاوزات الخطيرة وغيرها من الأسباب الوصفية التي عادة ما نقف عندها لتفسير الحوادث المرورية لا تكفي لفهم الظواهر، بل يجب تجاوزها بدراسات معمقة ترصد الأسباب الكامنة وراءها وترسم النماذج المفسرة لها.  وفي هذا الإطار جاء مخبر سيكولوجية مستعمل الطريق لرصد بعض ما يكمن خلف سلوكات المخاطرة وحوادث المرور التي تعرفها الجزائر، ومحاولة تحليلها من زاوية سيكولوجية، علنا نجد مع بقية العلوم والشركاء الذين يهتمون أيضا بهذا الموضوع حلولا فعالة لهذه الظاهرة،ولهذا تمّ إنشاء المخبر في 13 جويلية 2009. والهدف الأساسي من إنشاء مخبر سيكولوجية مستعمل الطريق في سنة 2009 هو رصد وتحديد العوامل النفسية الهامة التي تلعب دورًا في معادلة السلامة المرورية، واقتراح حلول، بالاضافة لتطوير برامج تعليمية، ارشادية وتحسيسية لزيادة الوعي وتعميم الثقافة المرورية، في ظل الاحصائيات المتنامية لحوادث المرور. وانطلاقا من هنا تمحورت  اهم تساؤلات المخبر حول: ما هي العوامل التي تؤدي إلى انتشار حوادث المرور في الجزائر؟ كيف تؤثر العوامل السيكولوجية في تفاقم الظاهرة؟ ما هي المحددات التنظيمية والقانونية التي تساهم في انتشارها؟  كيف تلعب العوامل الثقافية والاجتماعية دورا في زيادة حوادث المرور؟  وما هي سبل الوقاية منها والتكفل بضحاياها؟